لطالما اعتبر سكون الاوضاع السياسية في مصر ميزة في منطقة مضطربة لكن المستثمرين يتساءلون ان كان ذلك قد يصبح عائقا مع تقدم السن بالرئيس المصري حسني مبارك دون أن يتضح من سيخلفه.
ومازال الاقتصاد المصري نشطا رغم حالة عدم اليقين بشأن ما اذا كان مبارك البالغ من العمر 81 عاما سيسعى لفترة رئاسية سادسة في 2011 أو ان كان سيساعد ابنه على الصعود الى السلطة أم أن حصانا أسود من بين ضباط الجيش أو مرشحا اخر سيظهر.
لكن المصرفيين ومحللي التصنيفات الائتمانية وشركات السمسرة لديهم مزيد من الاسئلة بشأن من سيتولى الحكم خلفا لمبارك وهي مخاوف ربما تدفع للمطالبة بعائدات أعلى على الاستثمارات المصرية مقارنة مع الاسواق المنافسة ويمكن أن تحد من التصنيفات الائتمانية لديون مصر.
واهتزت الاسواق المصرية بشدة في السابق بسبب مخاوف بشأن صحة مبارك الذي تولى الحكم في 1981 ولم يعين نائبا. لذا عندما خضع لعملية جراحية هذا الشهر بدا الامر مخططا على نحو جيد ليجري ذلك خلال عطلة نهاية الاسبوع بما لا يعطي فرصة لانتشار الشائعات المعتادة.
وقال ولفرام لاتشر المحلل لدى شركة كنترول ريسكس "من الواضح أن استقرار التوقعات السياسية كان يعتبر لفترة طويلة ميزة لمصر.
"والان مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية من الواضح أن هناك قدرا أكبر من عدم اليقين وهذا المستقبل السياسي غير المؤكد أصبح عبئا الى حد ما."
ولا تظهر الارقام الرئيسية حذر المستثمرين فالبورصة المصرية من بين الاسواق صاحبة الاداء الافضل في المنطقة والاقتصاد نما نحو خمسة بالمئة في خضم الازمة العالمية والاستثمارات الاجنبية مازالت تتدفق على البلاد رغم انخفاضها أثناء الازمة.
لكن هناك بوادر قلق. فعندما سئل مصرفي مصري عن تدفق عمليات الطرح العام الاولي في 2011 أحجم عن الاجابة الى أن قال في الخفاء وبعد الحاح في السؤال ان من الصعب للغاية توقع الوضع في ظل انتخابات رئاسية وشيكة.
وقال خبير اقتصادي مصرفي اخر لدى سؤاله عن معاملات العملاء الاجانب "انهم لا يحجمون فيما يتعلق بالاستثمار لكنهم يقرون أن هناك قدرا من عدم اليقين الان أكثر من ذي قبل."
وقال محلل باحدى شركات السمسرة في القاهرة - طلب مثل الاخرين عدم نشر اسمه بسبب حساسيات سياسية - ان المخاطرة السياسية دفعت المستثمرين الاجانب للمطالبة بعائدات أعلى من مصر مقارنة مع الاسواق الصاعدة المنافسة مثل بعض الاسواق الاسيوية.
ويهون المسؤولون المصريون من تلك المخاوف. وفي أكتوبر تشرين الاول قال رئيس الوزراء أحمد نظيف في مقابلة مع رويترز "أقول للمستثمرين لا تقلقوا هناك دائما سبيل وهناك دائما بديل. وهكذا كان الحال في مصر في الماضي."
واذا توفي الرئيس أثناء توليه المنصب أو عجز عن القيام بمهامه تنتقل صلاحياته مؤقتا الى رئيس مجلس الشعب على أن تجرى الانتخابات خلال 60 يوما. وأجرت مصر أول انتخابات رئاسية تعددية عام 2005 وفاز مبارك بها بسهولة.
لكن قواعد الترشيح تجعل من المستحيل تقريبا لاي مرشح لا يدعمه الحزب الحاكم أن يفرض تحديا حقيقيا في سباق الرئاسة. وفي ظل تلك الشروط من المرجح أن يجري اتخاذ أي قرار بشأن الرئيس التالي في صفقات خلف الكواليس وليس عبر صناديق الاقتراع.
وقال محلل سياسي مصري رفض نشر اسمه هو الاخر "الامر محبط للمراقبين الاجانب لانه ليس لديهم الكثير ليعتمدوا عليه. عندما يكون هناك ما لا تفهمه تميل لاعتباره غير مستقر أو لا يمكن التنبؤ به" لكنه أضاف أنه ربما تكون هناك مبالغة في المخاوف بشأن عدم الاستقرار.
وقال ريتشارد فوكس مدير التصنيفات السيادية للشرق الاوسط وأفريقيا لدى وكالة التصنيفات الائتمانية فيتش ان موضوع خلافة الرئيس مازال يحد من التصنيفات الائتمانية لديون مصر لانه قد يؤدي الى تباطؤ سياسات تحرير الاقتصاد التي أشاد بها الاجانب منذ 2004.
وقال فوكس "اذا كان لدينا صفقة واستطعنا توقع كيف ستكون الحكومة المقبلة فسيكون من السهل أن نصدر أحكاما" مضيفا أنه بدون الوضوح " فمن المؤكد أن يمنع (موضوع الخلافة) التصنيفات من الارتفاع."
ويعتقد كثير من المصريين أن مبارك يريد توريث السلطة لابنه جمال (46 عاما) الذي ارتقى الى منصب كبير في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ويهيمن مقربون له على مناصب اقتصادية رئيسية في الحكومة. وينفي مبارك وابنه ذلك.
وقال خالد عبد المجيد المدير الشريك في مؤسسة ادارة الاستثمار مينا كابيتال التي تتخذ من لندن مقرا "أعتقد أن مجتمع الاعمال يريد أن يخلف جمال أباه."
وأضاف "هناك الملايين من الفقراء في مصر الذين ربما يكون لهم رأي مختلف لان الهوة قد اتسعت بين الاغنياء والفقراء" في اشارة لشكاوى بأن مزايا تحرير الاقتصاد لم تصل الطبقات الدنيا.
لكن خلافة جمال لابيه ليست أمرا مفروغا منه. فعلى عكس الرؤساء المصريين ليس لدى جمال أي خلفية عسكرية وهو ما قد يجعله يواجه صعوبة في فرض سلطته.
ويقول محللون ان عمر سليمان مدير المخابرات العامة المقرب من الرئيس يشار اليه كمنافس محتمل ومرشح ذي خلفية عسكرية قد يطفو فجأة على السطح.
وأثار محمد البرادعي - أحد الشخصيات المصرية المعروفة جيدا بالخارج والذي كان يتولى منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى العام الماضي - جدلا بقوله انه قد يرشح نفسه للرئاسة وقد اجتذب عشرات الالاف من الانصار على موقع "فيس بوك" ومواقع أخرى على الانترنت.
لكنه قال انه ترشحه مرهون بعدة شروط من غير المرجح أن تتحقق منها تعديل الدستور.