ما حكم زواج المتعة؟
يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبدالله سمك: َقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ زَمَنَ إبَاحَةِ الْمُتْعَةِ لَمْ يَطُلْ وَأَنَّهُ حُرِّمَ، ثُمَّ أَجْمَعَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَى تَحْرِيمِهَا إلَّا مَنْ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ مِنْ الرَّوَافِضِ (الشيعة) فقد روَي عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أَوْطَاسٍ فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ نَهَى عَنْهَا)... رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: (إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ حَرَّمَهَا وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَمَتَّعَ، وَهُوَ مُحْصَنٌ إلَّا رَجَمْته بِالْحِجَارَةِ).
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ)... مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَعَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ).
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (إنَّمَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْبَلْدَةَ لَيْسَ لَهُ بِهَا مَعْرِفَةٌ فَيَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ يُقِيمُ فَتَحْفَظُ لَهُ مَتَاعَهُ وَتُصْلِحُ لَهُ شَأْنَهُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكُلُّ فَرْجٍ سِوَاهُمَا حَرَامٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ).
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: (نَهَانَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كُنَّا مُسَافِحِينَ). إسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
وَحَدِيثُ سَلَمَةَ أَفَادَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْمُتْعَةِ ثُمَّ نَهَى عَنْهَا، وَاسْتَمَرَّ النَّهْيُ، وَنُسِخَتْ الرُّخْصَةُ، وَإِلَى نَسْخِهَا ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَقَدْ رُوِيَ نَسْخُهَا بَعْدَ التَّرْخِيصِ فِي سِتَّةِ مَوَاطِنَ :
الْأَوَّلُ فِي خَيْبَرَ .
الثَّانِي فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ .
الثَّالِثُ عَامَ الْفَتْحِ .
الرَّابِعُ عَامَ أَوْطَاسٍ
الْخَامِسُ غَزْوَةُ تَبُوكَ .
السَّادِسُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ
فَهَذِهِ الَّتِي وَرَدَتْ إلَّا أَنَّ ثُبُوتَ بَعْضِهَا خِلَافًا؛ وقد حقق الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ تلك الروايات وانتهى إلى القول: إنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ رِوَايَاتِ الْإِذْنِ بِالْمُتْعَةِ شَيْءٌ بِغَيْرِ عِلَّةٍ إلَّا فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ مِنْ مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ وَمَرَاسِيلُهُ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَيَّامَ خَيْبَرَ لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَأَوْطَاسَ فَإِنَّهُمَا فِي غَزْوَةٍ وَاحِدَةٍ....
وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَقَعَ الْإِذْنُ فِي غَزْوَةِ أَوْطَاسٍ بَعْدَ أَنْ يَقَعَ التَّصْرِيحُ فِي أَيَّامِ الْفَتْحِ قَبْلَهَا فَإِنَّهَا حُرِّمَتْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَمَّا فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ فَطَرِيقُ تَوْجِيهِ الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً.
وَلَكِنَّهُ قَدْ حَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحُمَيْدِيِّ أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ "يَوْمَ خَيْبَرَ" يَتَعَلَّقُ بِالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَا بِالْمُتْعَةِ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ رَوَى عَنْ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ: (نَهَى عَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ لْأَهْلِيَّةِ عَامَ خَيْبَرَ، وَعَنْ الْمُتْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ).
انْتَهَى وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ الْحُمَيْدِيِّ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّ النَّهْيَ زَمَنَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَمَّا الْمُتْعَةُ فَكَانَ فِي غَيْرِ يَوْمِ خَيْبَرَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: مَعْنَى حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَمَّا الْمُتْعَةُ فَسَكَتَ عَنْهَا، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهَا يَوْمَ الْفَتْحِ انْتَهَى.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْحَامِلُ لِهَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا مَا ثَبَتَ مِنْ الرُّخْصَةِ فِيهَا بَعْدَ زَمَنِ خَيْبَرَ كَمَا أَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ، وَأَمَّا فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٌ فَهُوَ تَصْحِيفٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْأَصْلُ خَيْبَرَ، وَعَلَى فَرْضِ عَدَمِ ذَلِكَ التَّصْحِيفِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مَا وَقَعَ فِي غَزْوَةِ أَوْطَاسٍ لِكَوْنِهَا هِيَ وَحُنَيْنٍ وَاحِدَةً وَأَمَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْنٌ بِالِاسْتِمْتَاعِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْإِذْنُ الْوَاقِعُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُتْعَةِ يَوْمَ الْفَتْحِ مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْهَا الْمُؤَبَّدِ كَمَا فِي حَدِيثِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ.
وَهَكَذَا لَوْ فُرِضَ وُقُوعُ الْإِذْنِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا فِي مَوْطِنٍ مِنْ الْمَوَاطِنِ قَبْلَ يَوْمِ الْفَتْحِ كَانَ نَهْيُهُ عَنْهَا يَوْمَ الْفَتْحِ نَاسِخًا لَهُ وَأَمَّا رِوَايَةُ النَّهْيِ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَهُوَ اخْتِلَافٌ عَلَى الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ بِأَنَّ النَّهْيَ فِي يَوْمِ الْفَتْحِ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ إعَادَةَ النَّهْيِ لِيَشِيعَ وَيَسْمَعَهُ مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَلَكِنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ سَبْرَةَ مِنْ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ (جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنْ الدَّقِيقِ وَالتَّمْرِ الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ حَتَّى نَهَانَا عَنْهَا عُمَرُ).
فِي شَأْنِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَجْهَلَ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ النَّهْيَ الْمُؤَبَّدَ الصَّادِرَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ ثُمَّ يَسْتَمِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ حَيَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى يَنْهَاهُمْ عَنْهَا عُمَرُ.
وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا بِأَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ حَتَّى نَهَى عَنْهَا عُمَرَ وَاعْتَقَدَ أَنَّ النَّاسَ بَاقُونَ عَلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ النَّاقِلِ، وَكَذَلِكَ يُحْمَلُ فِعْلُ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِذَا سَاغَ لِعُمَرَ أَنْ يَنْهَى وَلَهُمْ الْمُوَافَقَةُ وَهَذَا الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو عَنْ تَعَسُّفٍ وَلَكِنَّهُ أَوْجَبَ الْمَصِيرَ إلَيْهِ حَدِيثُ سَبْرَةَ الصَّحِيحُ الْمُصَرِّحُ بِالتَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَنَحْنُ مُتَعَبِّدُونَ بِمَا بَلَغَنَا عَنْ الشَّارِعِ وَقَدْ صَحَّ لَنَا عَنْهُ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ، وَمُخَالَفَةُ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ لَهُ غَيْرُ قَادِحَةٍ فِي حُجِّيَّتِهِ وَلَا قَائِمَةٍ لَنَا بِالْمَعْذِرَةِ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ كَيْفَ وَالْجُمْهُورُ مِنْ الصَّحَابَةِ قَدْ حَفِظُوا التَّحْرِيمَ وَعَمِلُوا بِهِ وَرَوَوْهُ لَنَا حَتَّى قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِيمَا أَخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: (إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ حَرَّمَهَا، وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَمَتَّعَ وَهُوَ مُحْصَنٌ إلَّا رَجَمْتُهُ بِالْحِجَارَةِ).
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَدَمَ الْمُتْعَةَ الطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ وَالْمِيرَاثُ) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَحَسَّنَهُ الْحَافِظُ.
وَلَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِ حَسَنًا كَوْنُ فِي إسْنَادِهِ مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ لَا يُخْرِجُ حَدِيثَهُ عَنْ حَدِّ الْحَسَنِ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ الشَّوَاهِدِ مَا يُقَوِّيهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْحَسَنِ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا مَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ تَحْلِيلَ الْمُتْعَةِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَالْمُجْمَعُ عَلَيْهِ قَطْعِيٌّ.
وَتَحْرِيمُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ ظَنِّيٌّ وَالظَّنِّيُّ لَا يَنْسَخُ الْقَطْعِيَّ ؛ لِأَنَّ الرَّاوِينَ لِإِبَاحَتِهَا رَوَوْا نَسْخَهَا، وَذَلِكَ إمَّا قَطْعِيٌّ فِي الطَّرَفَيْنِ أَوْ ظَنِّيٌّ فِي الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَفِي نِهَايَةِ الْمُجْتَهِدِ أَنَّهَا تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَارُ بِالتَّحْرِيمِ إلَّا أَنَّهَا اخْتَلَفَتْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّحْرِيمُ انْتَهَى.
وَإِلَى هَذَا التَّحْرِيمِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْأَمَةِ، وَذَهَبَ إلَى بَقَاءِ الرُّخْصَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَرُوِيَ رُجُوعُهُمْ وَقَوْلُهُمْ بِالنَّسْخِ، وَمِنْ أُولَئِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ رُوِيَ عَنْهُ بَقَاءُ الرُّخْصَةِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ كما يُجَابُ عَنْهُ أَوَّلًا بِمَنْعِ هَذِهِ الدَّعْوَى، أَعْنِي كَوْنَ الْقَطْعِيِّ لَا يَنْسَخُهُ الظَّنِّيُّ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَيْهَا؟
وَمُجَرَّدُ كَوْنِهَا مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ غَيْرُ مُقْنِعٍ لِمَنْ قَامَ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ يُسَائِلُ خَصْمَهُ عَنْ دَلِيلِ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَثَانِيًا: بِأَنَّ النَّسْخَ بِذَلِكَ الظَّنِّيِّ إنَّمَا هُوَ لِاسْتِمْرَارِ الْحِلِّ لَا لِنَفْسِ الْحِلِّ، وَالِاسْتِمْرَارُ ظَنِّيٌّ لَا قَطْعِيٌّ وَأَمَّا قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَلَيْسَتْ بِقُرْآنٍ عِنْدَ مُشْتَرِطِي التَّوَاتُرِ وَلَا سُنَّةٍ لِأَجْلِ رِوَايَتِهَا قُرْآنًا فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ التَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ.
وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّوَاتُرَ فَلَا مَانِعَ مِنْ نَسْخِ ظَنِّيِّ الْقُرْآنِ بِظَنِّيِّ السُّنَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ حَرَّمَهَا، وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَمَتَّعَ وَهُوَ مُحْصَنٌ إلَّا رَجَمْتُهُ بِالْحِجَارَةِ } . وعلى هذا فنكاح المتعة يعتبر من الزنا.
واعْلَمْ أَنَّ حَقِيقَةَ الْمُتْعَةِ كَمَا فِي كُتُبِ الشيعة الْإِمَامِيَّةِ هِيَ النِّكَاحُ الْمُؤَقَّتُ بِأَمَدٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ، وَحُكْمُهُ أَنْ لَا يَثْبُتَ لَهَا مَهْرٌ غَيْرُ الْمَشْرُوطِ، والمرأة فيه مستأجرة، وَلَا تَثْبُتُ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا تَوَارُثُ وَلَا عِدَّةَ إلَّا الِاسْتِبْرَاءُ.
وَلَا يَثْبُتُ بِهِ نَسَبٌ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ، وَتَحْرُمُ الْمُصَاهَرَةُ بِسَبَبِهِ هَذَا كَلَامُهُمْ، وقد حاولنا أن نقدم كلامهم، واخترنا من كتبهم رسالة مهمة لأحد متقدمي علمائهم من القرن الرابع الهجري، وهو الشيخ المفيد، حيث جمع في تلك الرسالة أهم المرويات في نكاح المتعة، وإليك – بالنص – ما ذكره:
رسالة المتعة - الشيخ المفيد - ص 7 – 8
1-عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: يستحب للرجل أن يتزوج المتعة وما أحب للرجل منكم أن يخرج من الدنيا حتى يتزوج المتعة ولو مرة.
2 - وبهذا الإسناد عن ابن عيسى المذكور عن بكر بن محمد، عن الصادق - عليه السلام - حيث سئل عن المتعة فقال: أكره للرجل أن يخرج من الدنيا وقد بقيت خلة من خلال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم لم تقض.
3 - وبالإسناد عن ابن عيسى، عن ابن الحجاج، عن العلا، عن محمد ابن مسلم، عن أبي عبد الله - عليه السلام - أنه قال لي: تمتعت ؟ قلت: لا قال: لا تخرج من الدنيا حتى تحيي السنة.
4 - وبهذا الإسناد عن أحمد بن محمد، عن ابن أشيم، عن مروان بن مسلم عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: قال لي أبو عبد الله - عليه السلام -: تمتعت منذ خرجت من أهلك ؟ قلت: لكثرة من معي من الطروقة أغناني الله عنها قال: وإن كنت مستغنيا فإني أحب أن تحيي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
5 - وبالإسناد عن أحمد بن محمد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن إسماعيل الجعفي قال: قال أبو عبد الله - عليه السلام - يا إسماعيل تمتعت العام ؟ قلت: نعم، قال: لا أعني متعة الحج، قلت: فما ؟ قال: متعة النساء، قال قلت: في جارية بربرية فارهة قال: قد قيل يا إسماعيل تمتع بما وجدت ولو سندية.
6 - وبهذا الإسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أبي حمزة البطايني، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله - عليه السلام - فقال: يا أبا محمد تمتعت منذ خرجت من أهلك بشئ من النساء ؟ قال: لا، قال: ولم ؟ قلت: ما معي من النفقة يقصر عن ذلك، قال: فأمر لي بدينار وقال: أقسمت عليك إن صرت إلى منزلك حتى تفعل، قال: ففعلت .
7 - وبهذا الإسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عبد الله، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن الباقر - عليه السلام - قال: قلت: للتمتع ثواب؟ قال: إن كان يريد بذلك الله عز وجل وخلافا لفلان لم يكلمها كلمة إلا كتب الله له حسنة، وإذا دنا منها غفر الله له بذلك ذنبا، فإذا اغتسل غفر الله له بعدد ما مر الماء على شعره، قال: قلت: بعدد الشعر ؟ قال: نعم بعدد الشعر .
رسالة المتعة - الشيخ المفيد - ص 10 - 11
وروى بإسناده إلى ابن قولويه، عن علي بن حاتم، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن السري، عن الحسن بن علي بن يقطين قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر - عليه السلام: أدنى ما يجزي من القول أن يقول: أتزوجك متعة على كتاب الله وسنة نبيه صلى عليه وآله وسلم بكذا وكذا إلى كذا .
14 - وبالإسناد إلى أحمد بن محمد بن عيسى، عن رجاله مرفوعا إلى الأئمة - عليهم السلام - منهم محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله - عليه السلام -: لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن أبيها. وجميل بن دراج حيث سأل الصادق - عليه السلام - عن التمتع بالبكر قال: لا بأس أن يتمتع بالبكر ما لم يفض إليها كراهية العيب على أهلها .
15 - وبالإسناد، عن أحمد بن محمد بن عيسى رواه عن ابن محبوب، عن جميل بن دراج، عمن رواه، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: لا يكون متعة إلا بأمرين أجل مسمى وأجر مسمى .
16 - وعن محمد بن مسلم الثقفي، عن أبي عبد الله - عليه السلام - حيث سأله كم المهر في المتعة ؟ قال: ما تراضيا عليه إلى ما شاءا من الأجل .
17 - وعن محمد بن نعمان الأحول قال: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: ما أدنى ما يتزوج به المتمتع؟ قال: بكف من بر .
18 - وعن هشام بن سالم، عن الصادق - عليه السلام - عن الأدنى في المتعة، قال: سواك يعض عليه .
19 - وعن أبي بصير عن الصادق - عليه السلام - في المتعة يجزيها الدرهم فما فوقه .
20 - وعن أبي بصير عنه - عليه السلام - كف من طعام أو دقيق أو سويق أو تمر
رسالة المتعة - الشيخ المفيد - ص 12
وعن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمد ابن خالد، عن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم في المتعة قال: ليس من الأربع لأنها لا تطلق ولا ترث .
25 - وعن حماد بن عيسى قال: سئل الصادق - عليه السلام - عن المتعة هي من الأربعة ؟ قال: لا ولا من السبعين .
26 - وعن أبي بصير أنه ذكر للصادق - عليه السلام - المتعة هل هي من الأربع ؟ فقال: تزوج منهن ألفا .
رسالة المتعة - الشيخ المفيد - ص 14
وعن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله - عليه السلام - في المرأة الحسناء ترى في الطريق ولا يعرف أن تكون ذات بعل أو عاهرة فقال: ليس هذا عليك، إنما عليك أن تصدقها في نفسها .